ملفات ساخنة

صفقة “اليوندوف”.. وأول 25 مليون دولار في جيب الجولاني

تحقيق خاص – أحوال ميديا

في أرشيف رقمي منسي، وتحديدًا في منشور قديم على حساب الناشط “نزار نيوف” بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر 2014، ظهرت خيوط واحدة من أخطر الصفقات التي شكّلت نقطة تحوّل في مسيرة “جبهة النصرة” وزعيمها أبو محمد الجولاني. صفقة مالية ضخمة، قُدّرت بـ25 مليون دولار، دفعتها قطر، وسهّلتها إسرائيل، وأُنجزت تحت مظلة الأمم المتحدة، مقابل إطلاق سراح جنود “اليوندوف” الفيجية الذين اختطفتهم الجبهة في الجولان المحتل.
القناة الإسرائيلية الثانية تكشف: المال مقابل الرهائن

في تقرير مصوّر بثّته القناة الإسرائيلية الثانية، بالصوت والصورة، ظهرت تفاصيل دقيقة لعملية تسليم واستلام المبلغ. الشريط، الذي صُوّر خلسة بمساعدة ضابط في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، أظهر موفدًا من الجولاني يحمل لابتوبًا ويتحقق من تحويل المبلغ إلى حساب بنكي في تركيا، يُعتقد أنه في لواء إسكندرون، مسجل باسم “أحمد حسين الشرع” (الاسم الحقيقي للجولاني).

التسجيل أظهر أيضًا ضباطًا من قوات حفظ السلام الدولية وهم يبلغون الموفد بأن التحويل تم، ويطلبون منه الدخول إلى الحساب للتأكد، قبل أن يُطلق سراح 45 جنديًا فيجيًا بعد ساعتين فقط من تأكيد التحويل.
الدور القطري: فدية بمظهر إنساني

ظل الدور القطري في الصفقة طي الكتمان. لكن مصادر مطلعة على علاقة “جبهة النصرة” بالمخابرات القطرية كشفت أن الدوحة، بعد تصاعد الانتقادات الدولية لدورها في تمويل الجماعات المسلحة، نصحت الجولاني بالتركيز على اختطاف أجانب غير غربيين (تحديدًا غير أميركيين أو بريطانيين)، لتبرير دفع الأموال على أنها “فدية إنسانية”، وتخفيف الضغط الدولي.
مراسل “الجزيرة” في قلب الوساطة

بحسب مصادر تركية، فإن مراسل قناة “الجزيرة” السابق أحمد موفق زيدان، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع تنظيم القاعدة، لعب دور الوسيط بين المخابرات القطرية والجولاني. زيدان، الذي سبق أن أجرى مقابلات مع أسامة بن لادن، كان همزة الوصل التي سهّلت التفاوض، ووفّرت الغطاء الإعلامي والسياسي للصفقة.

دعم لوجستي واستخباراتي اسرائيلي

التحقيق يكشف أيضًا عن تعاون ميداني بين “جبهة النصرة” والجيش الإسرائيلي، شمل:

إنشاء مشافٍ ميدانية في الجولان المحتل لعلاج جرحى النصرة.
رفع هوائيات الاتصالات في جبل الشيخ لتسهيل التنسيق الاستخباراتي.
تزويد النصرة بأجهزة اتصال متطورة في ريف دمشق الجنوبي.

بريطانيا في الخلفية: “مؤسسة جبل الفيروز”

بحسب معلومات بريطانية مسرّبة، فإن ضابطًا بريطانيًا يُدعى رودريك برايان ستيوارت، يهودي-صهيوني، سبق أن خدم في العراق كنائب للحاكم الأميركي بول بريمر، كان له دور في بناء الثقة بين النصرة والإسرائيليين. ستيوارت، الذي انتقل لاحقًا إلى شمال الأردن والجولان، عمل تحت غطاء “مؤسسة جبل الفيروز”، وهي واجهة استخباراتية بريطانية بتمويل سعودي، زُعم أنها تُعنى بترميم الآثار الرومانية والبيزنطية، لكنها كانت في الواقع قناة للتواصل مع الجماعات الجهادية.

صفقة واحدة… بداية شبكة

صفقة “اليوندوف” لم تكن مجرد عملية تبادل رهائن، بل كانت لحظة تأسيسية في مسار تمويل وتنسيق دولي معقد، شاركت فيه أطراف متعددة، من قطر إلى إسرائيل، مرورًا بالأمم المتحدة، وانتهاءً بمراسل قناة الجزيرة. 25 مليون دولار كانت كافية لتدشين مرحلة جديدة من النفوذ للجولاني، وتحويل “جبهة النصرة” من فصيل محاصر إلى لاعب إقليمي مدعوم من قنوات استخباراتية متعددة.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى